• 29 آب 2024
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : سعادة مصطفى ارشيد*

 

فشل الاسرائيلي حتى الآن في توسيع دائرة الحرب الإقليمية وهذا لا يعني أنه تخلى عن هذه الرغبة وإنما يقطع الوقت بانتظار اكتمال عناصرها واغطيتها الدولية ليطلقها من جديد ولكنه لا يريد ان يضيع الوقت فيما المعارك مستعرة في غزة أطلق فجر أمس الأربعاء جنون عملية عسكرية وأمنية في شمال الضفة الغربية تستهدف سحق المقاومة واجتثاثها من جذورها حسب قوله وكما قال في بداية حرب تشرين الثانية عن مقاوم في غزة هذه الحرب التي أخذت تقترب من إكمال عامها الأول فيما المقاومة الغزية تتعمق جذورها وتترسخ قيمها ومفاهيمها و تنتقل من حالة مقتصرة على غزة ومقاومتها لتصبح حالة فلسطينية عامة لا بل قومية عربية ايضا. 

الحرب في الضفة الغربية تبدو خطاها ومعالمها على ذات خطى ومعالم الحرب في غزة بالشكل والمضمون وقد كان الاحتلال قد أجرى اختبارات في الشهور الماضية عبر اجتياحات متعددة لمخيم جنين ومخيم طولكرم ضاربا البنى التحتية للمدن والمخيمات من ماء ومحولات كهرباء وشبكات صرف صحي وشوارع وقد جاء منذ فجر أمس ليعيد تدميرها بما هو أفلح يضاف إليها،  وذلك على خطوات غزه حصار المستشفيات وعدم وجود مناطق آمنة ثم الحديث عن ترحيل مؤقت لسكان سيتحول ولابد الى ترحيل دائم لا الى مناطق مجاورة للمخيمات والمدن في جنين ونابلس وطولكرم وانما الى ما هو أبعد من ذلك. 

دولة الاحتلال حكومة ومعارضة ترى ان اتفاق اوسلو قد حقق المطلوب منه وبالتالي فان الزمن قد تجاوزه، ومصالح الدولة اليهودية قد تجاوزت الاتفاق وتجاوزت كثيرا من مفرزاته وشخصهم التي أصبحت من اللزوم ما لا يلزم ، وما يجري في شمال الضفة الغربية منذ فجر أمس سيمثل ضربة قوية لمشروع السلطة الفلسطينية في رام الله الذي يترنح وإن كان بعض فلاسفتها قد راهنوا على انهيار غزة ومقاومتها واذا بهم من يتهددهم الانهيار ويثبت فساد ما كان يعشعش في عقله من اوهام انه يمثل حاجه (إسرائيلية) لا يمكن الاستغناء عنها.

ولما كانت عقلية المجتمع السياسي الاسرائيلي حكومة ومعارضة وإن تفاوتت النسب لا ترى ضرورة للاستمرار في أوسلو وانما الذهاب في مشروع ضم معظم أراضي الضفة الغربية وترحيل فلسطينيين إلى الخارج الذي يعني الاردن بالدرجة الاولى فان هذه العقلية تعلن بشكل مباشرا وصريحا لا بل وقحا و لا مواربة فيه ان اتفاق وادي عربة الموقع مع الأردن عام 1994 قد تجاوزه الزمن ايضا ويكفيه من العمر ثلاثة عقود وهو ما يجب على عمان ملاحظته وادراك ان مجامله تل ابيب  والحديث عن الناي النفس لا يحميها من هذا الغول المتوحش.

السلوك الإسرائيلي الواضح ذهب ايضا باتجاه مصر واتفاق كامب ديفيد الموقع عام 1978 قبل أربعة عقود ونصف والذي يراه (الاسرائيلي) ايضا انه قد اصبح قديما ومتهالكا وهذا ما ظهر بجلاء في السلوك (الاسرائيلي) مؤخرا تجاه معبر رفح ونتساريم و محور فيلادلفي، في حين لا زالت مصر قابله على ممارسة دور التيس المستعار وتدعو لمحادثات تهدئه وتضغط على المقاومة للقبول بشروط (الإسرائيلية) المنشأ الأمريكية- المصرية- القطرية الصياغة. 

لا يملك أهل جنين وطولكرم ونابلس وطوباس وما حولهم من مخيمات من خيار إلا مضاعفة القدرة على الاحتمال والصمود، فالجيش (الاسرائيلي) في قصفه و وعدوانه في عمليته العسكرية هذه، لا يفرق بين مقاوم ومهادن ، بين من ينتمي إلى هذا التنظيم او يلعن تلك العقيدة و بين من ينتمي إلى غير ذلك، فالكل مستهدف بذات القدر و بذات الطريقة، و بناء على ما تقدم وبما ان الكل يتعرض لذات المقدار من الاذى بغض النظر عن مرجعيته العقائدية والحزبية فان الكل ايضا او المعظم سيكون منخرط بحسب ظروفه و امكانياته في مشروع الصمود والتصدي. 

أما من لم يوقع حتى الآن على اتفاقات التطبيع وبانتظار أن يوقعها قريبا فله العبرة والمثل والموعظة فيما تفعله دولة الاحتلال مع السلطة الفلسطينية واتفاق أوسلو ومع الأردن اتفاق وادي عربة ومع مصر واتفاقية كامب ديفيد فهذه مشاهد حية عن مصير اي اتفاقات مع كيان لا يرى قدسيه بأي اتفاق، و هذه هي النتيجة الحتمية لعقود من المجاملة والتماهي مع المشروع الغربي الذي لا يفي باتفاقياته و تعهداته ولا يضمن البقاء لأحد انتهت وظيفته.

*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير- جنين- فلسطين المحتلة