• 6 كانون الثاني 2025
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : جودت مناع

ونحن ننحني احتراما وتقديرا  للزملاء المراسلين الصحفيين الشهداء بنواياهم التي جمعت بين المهنية والوطنية خلال التغطية الإعلامية لحرب الإبادة الإسرائيلية في فلسطين المحتلة ندرك هول الجرائم بحق حرية الصحافة.

 لكن علينا أن لا نغفل أن ضحايا الحقيقة هم من يخاطرون بحياتهم في ساحات المعارك.

كما أننا نعيش تماما محاولات سياسة التحرير في القنوات الفضائية وملكية وسائل الإعلام تسعى إلى اختطاف إنجازات زملائنا الميدانيين من قبل زملاء آخرين باعوا ضمائرهم لتحقيق مكاسب سياسية لصالح جهات لم تدرك حتى اليوم أن القرار الوطني الفلسطيني المستقل مصلحة وطنية عليا.

 إن الجمهور المتلقي يدرك طبيعة المعلومات دون أن يدرس نظرية الإنذار الكاذب ونظريات الإعلام الأخرى وخفايا فلسفة الأسئلة الصحفية خلال المقابلات الصحفية الكامنة بتقنيتها باستغلال قوة المال واتباع سياسات تحرير مختلفة من وسيلة إعلام إلى أخرى.

كما أن محاولات تحويل المهنيين في مهنة الصحافة إلى جسر يعبر عليه الوصوليون الذين نجحوا في تحقيق أهداف من يقف ورائهم في نزاعات عسكرية لا يمكن نجاحها في وطن تحتله إسرائيل منذ أكثر من سبعة عقود. 

لذلك نجد فئة من زملائنا لا تنساق وراء ادوات ورموز إعلامية تضخمت إعلاميا بالمال الذي بات لشراء الذمم الإعلامية والسياسية دأبوا على استخدام المهنة معولا للهدم اعتقادا منهم أن فلسطين نظاما عريبا يمكن الإطاحة به لتكريس الفوضى التي أخبرتنا بها كونداليزا قبل عقود غافلين أن الشعب الفلسطيني قادرا على النجاة من كل شباك الصيد في المياه العكرة وإنه موحدا في مواجهة كل المؤامرات حفاظا على سلوكه الوطني.

في ثمانينات واحدا من الصحفيين القلائل الذين عاصروا الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى عام ١٩٨٧ لم نحظى بأدوات ووسائل إعلام كما هي في تطورها اليوم. فلا فضاء متاح ولا مواقع التواصل الاجتماعي ولا هاتف اتصال سلكي يتمكن الصحفي الفلسطيني للحصول عليه إلا بتصريح من الحاكم العسكري الإسرائيلي في منطقته.

كان القلم والورقة والضمير الصحفي بمهنية وعدالة هو الوسيلة المتوفرة لتوصيل الرسالة الإعلامية بقدرات الصحفيين المحدودة وكفاءات المهنيين في ترجمة الأخبار وتوزيعها لوسائل الإعلام أما بواسطة جهاز الفاكس أو باليد كما كنا نفعل في كل يوم ومن خلال المقابلات الصحفية التي تميزت بعدالتها باستثناء بعض مراسلي وكالات الأنباء الأجنبية المنحازة لإسرائيل.

ومع ذلك حقق الإعلام الفلسطيني أهدافه بإيصال الرسالة بأبسط الأدوات والوسائط الإعلامية.

وفي أزمة الثقة التي يعيشها المتلقي ببعض وسائل الإعلام لا يمكن لكل صحفي مهني المقاربة بين ثرائه ومهنيته، فإذا ما انبرى لتفضيل الثراء والجاه الزائف على المهنية جعل من ضميره أداة لتغييب الموضوعية التي تتطلب النأي بالذات عن طبيعة الكتابة الصحفية المهنية واحترام عدالتها والالتزام بمسؤولية الصحافة كسلطة مهمتها احترام الوعي الجماهيري.

 إن إعادة الثقة ببعض وسائل الإعلام قد تتطلب وقتا طويلا  ومع ذلك مالم يتم تحييد قوة الإعلام وسياساته التحريرية. وقد لا اتفق مع المتفائلين بذلك وقد لا يحدث ذلك لأن طيها في صفحات مظلمة بات حقيقة بعد تعاظم الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني