- 21 أيلول 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : المحامي حسن عبادي
بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
أصدرت كتاباً بعنوان "زهرات في قلب الجحيم" (دار الرعاة للدراسات والنشر وجسور ثقافيّة للنشر والتوزيع) وتناولت تجربتي مع الأسيرات حتى أواخر شهر آذار 2024، حين تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.
ونشرت في حينه خاطرة بعنوان "صفّرنا الدامون"... وخاب أملي.
أواكب حرائر الدامون وأصغي لأوجاعهن وآمالهن، وأشمّ رائحة الخذلان وأدوّن بعضاً من معاناتهن.
أعمل على زيارة جميع الأسيرات، كما فعلت قبل السابع من أكتوبر؛
حين أغادر بوابة السجن أتصل مباشرة بأهالي من التقيت بهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات، وأهتم بإطلاع أهالي من تم التنكيل بها بشكل خاص منعاً للتقوّلات؛
أحاول قدر استطاعتي إيصال صوتهن لكلّ بقاع العالم عبر "التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين" وناشطين أوروبيين.
عقّبت الصديقة نجلاء يعيش: "حسبي الله ونعم الوكيل في مؤسسات بضحكو علينا من زمان وصلنا لماسه عن أخوها حذيفه ما وصل لليوم. مشكور كتير أستاز حسن والله جهودك كبيره معنا يعطيك ألف عافية الله يرضى عنك ويرضيك".
وعقّب الصديق موسى عمايرة: "إن الحكم إلا لله من قبل ومن بعد، اللهم فرج كربتها وكربة من معها من المعتقلات المظلومات، أنت حسبنا وحسبهن وعليك توكلنا، لا حول لنا ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين. لك الشكر والعرفان حسن عبادي يا عين تبصر لنا نورنا وتنقل لنا اخباراً تؤرقنا ولكن ننتظرها بلهفة وشوق.... وما ربك بظلام للعبيد".
وعقّبت الأسيرة المحرّرة شروق شرف: "الله يفرج عنها وعن كل الأسيرات. صح الكتابة ع الحيط ممنوعة وكانوا يعملوا عليها عقاب للغرفة حرمان من الفورة بس آخر فترة صار العقاب جماعي كل القسم بتعاقب لأي تصرف بسيط بنظرهم بكون غلطة... وغرفة ستة للأسف كان في تسريب ميّ فيها وضلت ريحتها رطوبة... الله يعينهم ويفرجها الجميع. وبارك الله فيك".
وعقّب عماد عبد الله (والد الأسيرة الحامل رماء): "رب يا رب الارباب ويا مجري السحاب ويا هازم الأحزاب لا حول لنا ولا قوه الا بك. هون على بناتنا وحرائرنا في هذا السجن الظلم والقهر. أرِنا بهن الفرح والسرور بتحرير عزيز كريم. أصبح القلب حزينا والجسم هزيلا والفكر مشغولا على غوالينا مشوشا لا نملك حيله ولا نملك طريقا. قصص وحكايات. وذكريات تختلف كلماتها ولكن تجتمع في قصه القمع والتنكيل والإهانة والتعذيب ونحن عاجزين. إننا ننتظر ساعة الفرج والتحرير وعسى أن يكون قريبا... شكرا على دورك المتجدد في الامل والدعم أستاذ حسن العبادي".
وعقّب الصديق أحمد غازي بشتاوي: "أسأل الله العظيم رب العرش الكريم فرجاً عاجلاً غير آجل لجميع الأسيرات والأسرى الأحرار والشرفاء، ويعجز قاموس كلماتي من إيجاد كلمات تليق بشكرك على ما تبذله من جهود جبارة دون كلل أو ملل لك حبي الفياض وتقديري والياسمين أخي الحبيب أستاذ حسن عبادي الرائع خلقا وأخلاقا وتاج راسي".
وعقّبت فلسطين الأشقر (أخت الأسيرة فداء): "حبيبتي خيتي الله يفرجها عليك وعلى جميع الأسرى والأسيرات ما بتغيبي عن بالنا ولا دقيقه دائما نحكي عنك وعن قعداتك الحلوة والله يا عمري الفرحة ما دخلت قلوبنا لأنك مش موجودة الله يحفظك من كل مكروه اشتقنالك واشتقنا نسمع صوتك. حتى لدقتك على الباب عنا الي كانت مميزة عن جميع الدقات، اشتقنالك والله. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك ويرجعلنا إياك بخير وسلامة. وشكرا لك أستاذ على جهودك ووقفتك مع الأسيرات والأهل ويا ريت ازا بكون الك زيارة قريبة لأي أسيرة بسجن الدامون أنك توصل لفداء أنى سكرت المطعم ما تهمل هم بنتها".
وعقّبت الأسيرة المحرّرة أم محمد: "صدقاً يا استاذنا حسن عبادي الكريم جداً علينا وعلى جميع الأسرى والاسيرات بفائض اهتمامك وعطائك وسعيك الدؤوب الذي ما رجوت عليه أجراً من أحد سوى أنك كنت الإنسان في زمن قلّت فيه الإنسانية ولم نعد نراها من أحد، وخصوصاً في زنازين السجون ... لله درك يا أستاذ كم أنت عظيم عند الله وعند عباده. حفظكم الله ورعاكم وبارك فيكم وجبر قلوبكم ولا أراكم الله ما رأينا نحن كأسرى واسيرات تحديدا . والله إنا نحبك في الله."
"أنا قويّة زيّ أخوي سعيد الشهيد"
زرت عصر اليوم الأربعاء 16.07.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب، لألتقي بالأسيرة ولاء حسن حسين حوتري (مواليد 13.1.1989) من قلقيلية، أم لأربعة أولاد: صبحي، سارة، فداء وعلاء.
انتظرت 45 دقيقة، وحين التقينا بادرت قائلة: "مبارح كانت قمعة لئيمة، بسبب خربشات على حيط غرفة رقم 6، (ما الحكم إلّا لله)، رفضوا البنات يتصوروا مع الورقة وصارت قمعة غاز، واليوم إجى المدير ع القسم يصيّح ويهدّد، وعشان هيك التأخير".
طمأنتها على أولادها (صبحي أخذ الشهادة ومعدّلة ممتاز-95.4)
والعائلة (اخوانها في الاردن محمد وحسين ووسام دائما بيرنوا بيسألوا عنها)
وفجأة قالت: "خلّي أبوي يدير باله على صحته. أنا قويّة زيّ أخوي سعيد الشهيد". سلّم على الكلّ ويبوّسولي رؤيا الشقراء.
كنت باعثة مع جارتي أم أنس حِجّة عن روح إمي. عملوها ولّا لا؟
خلّي زوجي يتواصل مع الهيئة يشوف إذا مسجّلة؟ هل أنا منسيّة؟ ليش هيك؟
حدّثتني عن الاعتقال، يوم 21.05.25، الساعة 4 الفجر، أخذوني إلى أريئيل وأربعة أيام في كابوس الشارون لحالي.
صرِت أقوى، كنت أتعالج فقر دم وما كمّلت. محرومة من العلاج. كنت أصوم والبنات منعوني بسبب الدوخة.
ولاء بغرفة 10؛ برفقة ماسة غزال (ليش أخوها برام الله وشو صار بالمحلّ؟ بدها مدلوقة وفتوت)، بشرى قواريق (مبسوطة على لقب عروس الدامون)، سماح صوف/ قلقيلية، كرمل الخواجا، تسنيم بركات (مبسوطة أنه أختها أمينة لبست الجلباب وحلو عليها).
إجى المدير يصرّخ، اللي مكتوب ع الحيط تحريض. قلّص وقت الفورة. عاود قرّر تسكير الأشناب كل الوقت، أعطى أوامر بتقليل الأكل. الوضع سيئ جداً.
سلّم على ضحى (زوجة أخوي علاء)، هي أكثر من أخت. علاء أمانة عندها. خلّها تدير بالها على ولاد حياة أخوي علاء.
مشتاقة كثير للأولاد، سامحوني يمّا.
وحين افترقنا قالت: "والله يا أستاذ أول مرّة بلتقي مع محامي".
"ليش ما بوصلني سلامات؟"
بعد لقائي بولاء أطلّت الأسيرة فداء سهيل عبد اللطيف عساف (مواليد 13.1.1976) من قرية الفندق/ قلقيلية، أم لقطر الندى.
طمأنتها على ابنتها والعائلة، وزففت لها بشرى زواج بنات أخواتها هاجر وآمال، وابن خالتها ياسر... أعلمتها بوفاة حماتها فبكت وترحّمت عليها. أوصلتها سلامات والدتها (دائماً بتعيّط عليها عيونها، وجّعوها قد ما بتعيط عليها، وبتتذكرها لأنها أكثر وحده كانت تزورها).
وفجأة دمعت متسائلة: "ليش ما بوصلني سلامات؟" بنتي وين بتظلّ؟
رسالتها لابنتها قطر الندى: "ستّ البنات جبيني، بخاف عليك من الهوى، يمس شعرة منك من غير ما نكون سوى، العمر كلّه يا روح أمك. عيد ميلاد سعيد-عيدها يوم الثلاثاء 22.07".
فداء بغرفة 3 (المرضى والحوامل)؛ برفقة حنين جابر، زهراء كوازبة، رماء بلوي، تهاني أبو سمحان...ورهام موسى).
حدّثتني عن الاعتقال، يوم 24.02.25، حاجز طيّار بطريقها من المستشفى برام الله للبيت، أخذوني إلى أريئيل، يوم في الشارون، يوم في كيشون، وبعدها للدامون.
طلبت إيصال رسائل الأسيرات لأهلهن؛ حنين جابر، شاتيلا، آية (بتبارك لأهلها بالحجّة)، سلام كساب، كرم موسى، آماني نجار وأسيل حماد (بدها لبسِة زهر وبوت أبيض للترويحة).
حدّثتني عن سوء الوضع والإهمال الطبّي والحرمان من العلاج وتقليص عدد الغرف والاكتظاظ.
سلامات للكل، بحبكم كثير وما تنسوني من دعواتكم.
لكما عزيزتيَّ ولاء وفداء أحلى التحيّات، والحريّة لكما ولجميع أسرى الحريّة.
الدامون حيفا تمور ٢٠٢٥