• 7 تشرين أول 2025
  • أقلام مقدسية

 بقلم : كريستين حنا نصر

  

  هناك أهمية بارزة لمهنة المعلم وحركة التعليم في العالم وبالأخص في الدول العربية ، ففي الماضي كان  الطلبة يذهبون الى الكتاتيب إلى جانب تلقيهم التعليم في المساجد أيضاً ، حيث كان الشيخ أو الامام هو المعلم ، وكانت المواضيع التي تدرس في الغالب تشمل علوم الدين الإسلامي واللغة العربية ، ولاحقاً تطورت المدارس ووظيفة المعلمين ، فأصبحت منظومة متكاملة مهمة في أي دولة ، حيث كان البعض من المعلمين في السابق يعتمدون على أساليب تدريسية قديمة ، تعتمد القسوة مع الطلاب ، ولم يكن هناك قانون يحمي الطلبة من العنف الذي كان يمارس عليهم من بعض المعلمين للأسف، باعتبار ان هذا الاسلوب القديم يرهب الطلاب ويؤثر سلباً على تشكيل وتكوين شخصيتهم ، وفي الوقت الحاضر  ومع التقدم في التعليم أصبح الكادر التعليمي يتلقى الدورات التدريبية  وتواكب التطورات الحديثة في أساليب التعامل مع  الطلبة .

وفي الأردن تبرز عندنا جهود ملكية سامية بخصوص تطوير التعليم  والشباب ومنها جهود الملكة رانيا العبد الله رعاها الله ، من خلال مشروع ( مبادرة مدرستي ) عام 2008م ، بهدف تحسين البيئة المادية والتعليمية للمدارس الحكومية حيث شملت أكثر من 830 مدرسة حوالي 360 ألف طالب وطالبة و17 ألف معلم، وشمل المشروع ترميم المدارس في المناطق خارج العاصمة بهدف تطويرها ، والأهم الاهتمام بالمعلم ففي كل سنة يتم تكريم المعلم المثالي ، حيث أطلقت جمعية جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي في ذكرى يوم المعلم في الخامس من أكتوبر عام 2005م . ويحظى الشباب في الأردن بالاهتمام الملكي بما في ذلك مبادرات ولي العهد الشبابية والسعي لتمكينهم وتوفير فرص العمل لهم ، خاصة ان الاردن وبناء على التوجيهات الملكية السامية بالإصلاحات الشاملة  تقدم كثيراً في مجال تعزيز مشاركة المرأة والشباب في كل قطاعات الدولة .

   وللاسف في فترة الصراعات والحروب ظهر التأثير سلباً على التعليم ، وتحديداً في بعض المناطق التي تعاني من ويلات الحروب والصراعات الملتهبة ، حيث لا تتواجد  فيها المدارس وأصبح الكثير من الطلبة خارج نطاق التعليم ومقاعد الدراسة المدرسية والجامعية ، مما ساهم في ارتفاع  نسبة الأمية في مناطق الحروب ، كما هو الحال بعض المناطق في سوريا ، وايضاً  هو الحال في غزة . ناهيك عن المناطق التي تسيطر عليها جماعة داعش  فيها للأسف يتم محاولة إدخال الفكر المتطرف  في تكوين بعض الشباب ومنذ سن صغير على هذا الفكر ، خاصة أن الصغير  وبسبب تكوينه يسهل تشكيل وصقل عقليته على أية عقيدة تريد ، وهنا تكمن الخطورة عندما ينشأ جيل جديد له عقيدة مختلفة في مضامينها عن  فكر الآباء والأجداد ، وبالتالي يكون لدينا جيل يصعب التحكم في عقيدته وفكره عندما يكبر .

 هذا الوضع أدى الى تدني مستوى التعليم وانحراف مساره وهذا سيكون حتماً بمثابة تهديد للمجتمعات في الوطن العربي حيث تتفاقم  فيها الصراعات والحروب ، إن الأجيال القديمة كانت تتصف بالتدين وملتزمة ، ولكن في الوقت نفسه لم تكن أبداً ذات عقلية متطرفة و اقصائية ، ولا تعمل على تحليل أعمال العنف والقتل والذي لم يحلله الدين أساساً ، وتوجد اليوم فئة أخرى في الوطن العربي من الشباب الطموح ، والكثير منهم من المتعلمين ولكن لا يجدون لهم فرصة عمل وتتزايد بينهم نسب البطالة ، خاصة في صفوف الشباب ، الذين اصبحوا يطالبون بحقوقهم ، مما يجعلهم  القنبلة الموقوتة  والتي قد تنفجر في أي وقت ، على شكل  مظاهرات كما هو الحال الآن في بعض الدول العربية ، هذه المظاهرات التي يقودها الشباب الثائر هذه المظاهرات الى تكون حالة من العنف وإلقاء الحجارة على رجال الأمن وقد تطور الى حرق المباني والممتلكات والمراكز الأمنية .

 وبدل أن  توجه  طاقة الشباب  الى بناء المجتمعات والدولة بشكل ايجابي ، أصبحت للأسف تدمر وتخل في أمن الدولة ، وهذا الجيل الشاب المنفتح على العالم  يرى نفسه غير قادر على عمل شيء خاصة فئة الشباب العاطلين عن العمل ، وفي ظل ازدياد نسبة البطالة في بعض البلدان العربية.

وبالمحصلة يمكن أن تصبح فئة الشباب في الشرق الأوسط هم من سيقود الثورات والمظاهرات بدلاً من الأجيال  الكبيرة عمرا وخبرة ، وأعتقد أنه يجب أخذ هذا الموضوع بمحمل الجد ، والعمل على الاهتمام بفئة الشباب وإشراكهم في المجتمعات ليصبحوا عملياً عضوا فعّال يعمل ويشارك في رفعة وطنهم ، بدلاً من أن يكون الشاب عاطل عن العمل يفقد عندها أي انتماء لوطنه ، وبالتالي يسهل التحكم به خاصة من خلال الإغراء بالمال لصالح أعمال تضر بالوطن وأمنه  ولمنع استغلال الشباب من قبل  بعض الأحزاب والقوى التي هي بالأساس وراء انتشار الفوضى.

     وللاسف فان المظاهرات  السلمية التي كانت في بداية الربيع العربي تخللها عنف ضد الدولة ومؤسساتها ، وتدمير بعض المنشآت والمؤسسات ، مما أدى الى  تفاقم الأمور وتطورت لتصبح موجهة ضد النظام مطالبة بإسقاطه  بدلاً من مطالبها المحقة في سبيل تنمية الشباب ، هذا الوضع فتح الطريق امام تدخلات خارجية أدت الى اضعاف الدولة ، وللأسف يبدو أن الربيع العربي الجديد القادم سوف يقاد من فئة الشباب العاطل عن العمل .