- 18 تشرين أول 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : تحسين يقين
من الطبيعي ظهور قضايا وإشكاليات في بداية تنفيذ الاتفاق، وسيجد العقلاء حلولا لها، بما يضمن سلم شعبنا في قطاع غزة. ثمة إرادة مجتمعة اليوم على تنفيذ الاتفاق، بأمل فلسطيني يتجه نحو تحقيق أهدافنا الوطنية، فقد صار مشروعنا الوطني مشروعا عالميا.
إن أداءنا الآن في قطاع غزة الحبيب منظور، وهو يتم بالتعاون مع الأشقاء العرب والمسلمين، والأصدقاء، ومع الدول التي اختارت أن تكون شريكة وشاهدة على اتفاق وقف إطلاق النار: وقف الحرب على غزة.
ومن المهم كذلك، شعبيا وفصائليا، إيجاد لغة تعاون بين الفاعلين اليوم على الأرض، باتجاه فعل وطني وحدويّ، يتم التشاور فيه، خاصة في ظل ما نشهده من آثار للحرب.
الاهتمام بأمننا جميعا هناك أولوية، وعليه، فإن من الممكن جدا تهيئة ظروف مؤقتة بالنسبة لقضايا التخريب بشكل خاص، يتم فيها احتجاز المشتبهين بالقيام بأفعال غير قانونية، بانتظار ضمان وجود هيئات قضائية تنظر في الموضوع. لقد تكرر ذلك في تاريخنا الفلسطيني على مدار قرن، ومن الحكمة ان نتعلم من تجاربنا.
إنها مسألة قانونية، مرجعيتها القضاء. أما المسلحون من شرطة وغيرها، فوظيفتهم ضمان الأمن وتهيئة الفرصة للعدالة عبر المحاكم.
نحن في غنى عن هذه الإشكالية، وما تؤثر به سلبا على الرأي العام، والأهم قبل ذلك هو العدالة لا شيء آخر.
مستخلص عملي لكل ذي سمع وبصر، بضرورة التقاط الحالة اللحظية، التي ما كنا لنصل اليها جميعا، لولا الفعل الإنساني على الأرض، ذلك ان الشعوب ترفض موت الشعوب الأخرى.
وكل وما ينتظره من فعل للنجاح، حتى لا يقدّم أحد هدية لمن اعتادوا "شهوة القتل". وعليه فالفلسطيني هناك على بحر غزة، كما هو في الجبال والسهول والبراري يعرف فعله الحكيم، والعربي والشقيق والصديق والعدو، وإذا جاء قول الرئيس الأميركي دونالد ترامب "إنه لم يشهد مثيلا لمستوى الرغبة في السلام في الشرق الأوسط"، فإن تجلي قوله على الأرض فرض الالتزام المتوازن.
"نسعى إلى التسامح والاحترام وتكافؤ الفرص للجميع، مع ضمان أن تكون المنطقة مكانًا ينعم فيه الجميع بالسلام والأمن والازدهار الاقتصادي، بغض النظر عن العرق أو الدين أو العرق. نسعى جاهدين لتحقيق رؤية شاملة للسلام والأمن والازدهار المشترك في المنطقة، قائمة على مبادئ الاحترام المتبادل والمصير المشترك.
تلك مفتتح "وثيقة السلام" في شرم الشيخ، فلعل الجهود إن صدقت النوايا تتجه لتحقيق هذا الهدف النبيل الذي نجمع عليه.
"لم تعد القضية شأنًا إقليميًا محدودًا، بل صارت قضية أخلاقية عالمية، يعاد بها تعريف مفاهيم العدالة والحرية والمقاومة. " تلك كلمات الكاتب جدعون ليفي، ما يعني أن تموضع دولة الاحتلال أصبح الآن محسوبا بمدى الاتجاه نحو دفع استحقاقات السلام.
لم يكن ترامب جادا فيما تحدث به يوما عن مقاربته العقارية لغزة، كان يبدأ كلاما ليصل الى أمور أخرى، لذلك لم نأخذ ذلك على محمل الجدّ. كان الغزاة مدركين لاستحالة التهجير.
تغيرت الأمور تجاه الحرب على غزة كثيرا منذ عامين، من انقسام ما بين مؤيد ومعارض الى معارض تام. ينسجم مع مواقف دول كانت داعمة تاريخيا، ثم صارت محايدة، ثم انتقلت الى إدانة الاحتلال ومناصرة فلسطين، لذلك فإن المطلوب هو وجود روافع تلتقط هذه التحولات باتجاه التأكيد على عدم العودة الى الوراء، وبالطبع الاتجاه الى الأمام.
لم نكن بحاجة للوحدة الوطنية الفلسطينية في يوم من الأيام كحاجتنا لها اليوم.
كذلك وحدتنا القومية.
وجميل أن كل ذلك يأتي في سياق إجماع دولي: أمريكي وأوروبي.
قبل سنوات، كتبت كما آخرون، بضرورة إلزام دولة الاحتلال على اختيار طريق السلام الحقيقي، بل ودعوت إلى ما يشبه وصاية عليها. واليوم بدأت ملامح الوصاية الدولية لكبح جماح الاحتلال تتبلور وتتطور، ما يعني أيضا المساهمة في السلم الدولي.
فلسطينيا: كنا دوما نقول إن العمل المهني في البناء والإدارة هو منتهى الوطنية؛ لذلك فإن النية الصادقة في البناء تعني الكثير، ما يعني ذلك تطوير لغة خطاب فلسطيني إيجابيّ، فلم يعد مقبولا سماع لغة تفريق.
صوت الشعب هو البوصلة، لا بد من تصالحية مع الذات: شخصيا وفئويا فصائليا
أما الخطاب العربي، ونعتقد جازمين أن تحصين الخطاب يعني صدق النوايا الوحدوية؛ فماذا يعني نشر صحيفة "واشنطن بوست" أن دولا عربية وسعت تعاونها مع اسرائيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة؟ أليس ذلك إثارة لفتنة لا نستفيد منها إلا بالمزيد من التشظي؟
لسنا بحاجة للتنازع بيننا.
تقدير دور مصر، يعني تقدير الدور العربي المصري القومي، وهذا يتكامل مع تقدير الجهود القطرية، فالاحترام ضروريّ، والتأمل بقيمة التعاون القومي يعني الكثير. لذلك شعبيا خاصة في عالم السوشيال ميديا، فإن على الأخوة والأخوات، أن يرجعوا أي إنجاز للعمل القومي، وتقدير استراتيجي بدور مصر في قيادة العمل العربي المشترك.
وهي فرصة لبناء العلاقات القومية مع دول الإقليم، خاصة مع الدول الإسلامية المؤثرة، حيث يمكن أن تبنى على أسس التعاون، ويمكن أيضا حلّ مشاكلنا القطرية، خاصة ما يضطرنا لتحالفات واهمة.
الاحتلال، هو العدو، لكن هو الذي نسعى للخلاص منه، حربا وسلما.
و"إن جنحوا للسلم فاجنح لها". صدق الله العظيم. إنه تراثنا الديني والثقافي في اختيار السلام طريقا. ومن مصلحتنا تشجيع الرأي العام الإسرائيلي على الاختيار الاستراتيجي لطريق السلام بعيدا عن الاحتلال والعنصرية، من خلال خطاب واع، لكن هذا لا يعني الزهد أبدا بمساءلة القتلة ومحاسبتهم، وتشجيع إقصائهم عن الحكم.
مرة أخرى، فإن خطوات شعبنا في قطاع غزة اليوم ستكون الروافع الأساسية لضمان التنفيذ، وهي خطوات مرئية للدول الراعية، ولعل القرب الجغرافي للشقيقة الكبرى مصر، ومصداقيتها العالمية، سيكون داعما للسير بخطوات جادة، فنح نسير معا فلسطينيين وعربا وأطرافا جادة معنية فعلا بوقف الحرب.