- 18 تشرين الثاني 2025
- أقلام مقدسية
بقلم : المحامي حسن عبادي
بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
تمّ منعي من الزيارات، وتم لاحقاً إبطال المنع بعد اللجوء إلى القضاء.
أواكب حرائر الدامون وأصغي لآلامهن وآمالهن وأحلامهن بالحريّة، وأدوّن بعضاً من معاناتهن.
أتصل من بوابة الدامون مباشرة بأهالي من تم قمعهن والاعتداء عليهن، وبعدها بأهالي من التقيتهنّ، وأوصل بعدها رسائل باقي الأسيرات؛
وضع حرائر الدامون يزداد وجعاً من زيارة لأخرى، قمعات متكرّرة وكلاب بوليسيّة تقتحم الزنازين، وأمراض جلدية تتفشّى بسبب انتشار الحشرات وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة في ظل انعدام وسائل التهوية، ونقص حادّ بالصابون والغيارات؛
حاولت إيصال معاناتهن وصراخهن لكلّ بقاع العالم عبر "التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين" وناشطين أوروبيين، بعيداً عن الشجب والاستنكار وتحميل المسؤولية وكسر حاجز الصمت؛
وزادت قناعتي أن صمتُنا عارُنا.
عقّب غازي عنتري: "أنت متنفس لكل الأسيرات والأسرى والزيارة تعتبر حياه لمن هو خلف القضبان... دمت ودام نفسك الحر بألف خير وعافية".
وعقبت فاطمة جوهر: "لا تسقني كأس الحياة بذلة بل اسقني بالعز كأس الحنظل. إباء تحية من الأعماق لك ولكل زميلاتك السابقات والحاليات مهما طال الليل لا بد للفجر أن يبزغ والصبر مفتاح الفرج هذه المعاناة والجهاد سيكتب عنه التاريخ ويكون أوسمة لكن وشرف على صدوركن تفخرن به أنتن وأبناؤكن وسيدرس في الكتب لن يضيع هدرا كما درسنا عن جميلة بوحيرد وغيرها وهنا لا بد من الوقوف إجلالا وإعزازا للأخ المناضل بجهده وقلمه ووقته وكل ما يملك من أجل خدمة شعبه الأستاذ المحامي الأخ حسن باركه الله وجزاه خير الجزاء".
وعقّب محمود عمارنة: "الحرية لكل أسيراتنا وأسرنا دمت حرا إنسانا نافذة لقلوبنا نحو الحرية شعاعا للنور في زمن الظلام العزيز الأخ حسن عبادي".
وعقبت أم كمال جوري: "بدأ ضوء النهار يشقق ويبزغ الفجر حاملا معه أمنيات وفرجا قريباً وهناك في مكان ما من أراضينا المحتلة 48 يبدأ بتجهيز حقيبته ورسائله وينطلق إلى سجن الدامون والجلمة ليزور أسيراتنا فرج الله كربهم. يبدأ بلقاء الأسيرة ويقول لها في جعبتي الكثير لأرويه... لك سلامات وقصص وحكايات من الأهل والأصدقاء... كلمات وقصص بين دموع وفرح من الأسيرة تبدأ الأسيرة تروي المعاناة التي تعيشها في السجن وبعد انتهاء الزيارة والعودة إلى المنزل ما يلبث أن يكتب ويكتب ويطمئن الأهالي عن أسيراتهم. أستاذ حسن عبادي بارك الله بجهودك الطيبة".
وعقّب محمد فوزي: "أنا أغبطك يا صديقي على الجهد والجهاد. على الأقل أنت تناضل بالعمل أما نحن قاعدون بلا فائدة لا نقوم بشيء حتى لا شجب ولا استنكار. لك كل الحب والتقدير".
"الأواعي يلّي معنا إنهرَت"
زرت صباح الأربعاء 20.08.2025 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي ثانيةً (بعد أن انتهيت من لقاء كافّة أسيرات الدامون باستثناء الغزيّات – موضوع زيارتهنّ قيد البحث) بالأسيرة إباء عمار معروف أغبر (مواليد 28.05.2002، رهن الاعتقال منذ 16.03.2025)، من رفيديا/ نابلس.
بشّرتني بداية بترويحة ولاء، وأوصلت لي سلامات الصبايا، وبدأت بإيصالها رسائل العائلة ضحكت قائلة "بدّي أروّح بسيّارة البابا"، وعقّبت على هديّة سلّوم "رايحة أخذه معي مشوار ع الجامعة بس أروّح"، وأواعي الترويحة تختارها الماما.
حدّثتني عن زميلات الزنزانة رقم 4 (شاتيلا أبو عيادة، سامية جواعدة، أماني نجار، ولاء حوتري، هيام شحادة، سهام أبو سالم/ أم خليل/ غزة، وميسون مشارقة).
الوضع في سجن الدامون مأساوي، قمعات ع الطالع والنازل، تشديدات من يوم ليوم، رافضين يزوّدونا بغبارات وملابس داخليّة، الأواعي يلّي معنا إنهرَت ومش قابلين يغيّروها.
طلبت إيصال رسائل مؤثّرة جداً لأفراد العائلة جمعاء؛ وخصّت بالذكر والديها، وأخاها صهيب (فخورة فيك وضروري بس آجي تكون)، خواتها مجد ّ وعرين (ما تطبي بأواعييّ، بس أروّح بدلّلك) وراية، وإخوتها، وعمتها وخالاتها؛ هنا (مبارك نجاح دعاء) وإسراء وعبير، أعمامها وأخوالها، والتيتا رجاء/ أم شادي (بدّي إياك تكوني قويّة وتنامي عنّا أسبوع لمّا أروّح).
وبتوصّيهم يكونوا مع رماء لمّا تخلّف برفيديا.
طلبت إيصال رسائل لأهل فداء عساف، د. شيماء أبو غالي، سهام أبو سالم، آية عقل، ميرفت، سلام كساب، ياسمين شعبان، بنان أبو الهيجاء، أماني نجار، سامية، إيمان شوامرة، سالي، كرمل، ربى، إسلام، سماح، وميسّر.
ولبنات مشروع التخرّج (طالبة دكتوراه صيدلة، سنة خامسة، وراحت عليها تدريب سنة ثانية) "سجلوا كل الملاحظات، بدّي أركن عليكن ما تنسوا شي"، وبناتها بالقرآن، وغروب الاعتكاف، ولشيماء
حين افترقنا قالت فجأة: "بظلّ سجن، بس إحنا أقوى منهم".
"أميرة العزل"
بعد لقائي بإباء أطلّت الأسيرة ولاء خالد فوزي طنجي (مواليد 30.07.1996، ابنة مخيم بلاطة)، التقيتها في حينه يوم 21.02.2023 بحبسة سابقة.
ما زالت بعنفوانها؛ حدّثتني بداية عن كلبشتها كلبشة مدمّجة (إيدين ورجلين) كل الوقت، آثارها محزّزة كل الوقت، وعن القمعة الكبرى "قمعونا مع اليماز، مع سلاح بالغرف، شالتني السجّانة زيّ شوال الطحين وزتّتني بالساحة، ودعست بالبسطار على رقبتي، ورجيت آثارها للقاضي بمحكمتي، طلّعونا ع الساحة مع مسبّات والسجانين يغنّوا: يا غنماتي"، عزلوني بغرفة مليانة صراصير وفيران)، كل يوم 12 ساعة عزل، مكلبشة، إيديّ وإجريّ تحفّروا. تفتيش حتى بالعزل ع الثلاثة الصبح. هاي أصعب حبسة!
اعتقلت يوم 04.07.2025؛ 11 جيب عسكري، الساعة 3 وجه الفجر، ضرب بضرب، شهر بالمسكوبية وبعدين للدامون.
وفجأة قالت: "والله أنت الوحي والملاك يلّي بنزل ع السجن".
ولاء بغرفة 1 لحالها، معزولة، هاي الحبسة الثالثة، كل حبسة بزيد قوّة أكثر وأكثر. صرت "أميرة العزل"، معزولة 11 مرّة.
طلبت إيصال سلاماتها لأخواتها ليلى، وأم ريان (إحكي لجود تسامحني لأني مش رايحة أجيبلها الشنطة وأغراض المدرسة، وأخذت بالنحيب حين ذكرت ريان، أوّل مرّة ببكي من يوم اعتقالي)، ونغم (رفيف ورهف يسامحوني، كنت واعدتهم بمطعم). لشهد/ خطيبة أخيها الأسير محمد)، (آسفة ما كنت بتخرّجك، وما كنت بحفلة تخرّج مجاهد... مبارك).
وطلبت إيصال رسائل الأسيرات لأهاليهن؛ ياسمين شعبان، د. شيماء أبو غالي، لينا وزوز، إسلام حلبي/ شولي، أسيل، سالي وهناء، وآية.
وكذلك لتقى (كوني منيحة ع شان أكون منيحة، رسائلك الداعمة بتقوّيني)، وتحرير (بتشتغلي بالهيئة ع الفاضي؟ ولاء بتموت جوّا وولا محامي؟)، أسيل (إدرسي منيح منيح)، وسجى، وياسمين.
مبارح إجت أسيرة جديدة – سارة الرجبي.
حين افترقنا قالت مودّعة "والله الليلة حلمت بترويحة قريبة بصفقة مشرّفة".
لكما عزيزتيَّ إباء وولاء أحلى التحيّات، والحريّة لجميع أسرى الحريّة.
الدامون/ حيفا آب 2025
