• 5 آيار 2024
  • مقابلة خاصة

 

بيت ساحور- أخبار البلد - كتب محمد الشنطي : 

 

نجح الحرفي الفني الفلسطيني عبر التاريخ بإثبات ملامح شخصيته الفنية من خلال فلسفته التي استنبطها من روح التراث وجمال الطبيعة، مستخدماً بذلك باقة مختارة من المواد والخامات التي يعتبرها البعض غير ضرورية ولا استخدام لها، الا ان الواقع جسد نماذج حية من الانتاجات الخشبية والصدفية والزجاجية والنحاسية وغيرها.

 أظهرت الحرفية العالية في التنفيذ والأداء والتصور المتطور في رؤية الفنان الفلسطيني، واظهر ذلك مدى اهمية تلك الخامات مما ادى إلى إضافة جماليات طبيعية مؤثرة في فضاء الفن والإبداع .

 في الحالة الفلسطينية والعربية  فلقد أعادت للحرف اليدوية الفنية رونقها وأهميتها حفاظاً على الهوية وعناصر الموروث الثقافي الأصيل، وذلك على الرغم من كل التحديثات المؤتمنة في عالم الانتاج والتصنيع الفني من المجسمات والأشكال والنماذج الفنية المختلفة .

 لقد شاركت شبكة " اخبار البلد ؛ المقدسية في المحطة الثالثة من الجولة الاعلامية التي نظمها مركز التراث الفلسطيني مؤخرا بإدارة "مها السقا" . والتقت بالفنان "الياس سمعان اليتيم" وعدد من ابنائه في مشغلهم الكائن في مدينة بيت ساحور، الذين بدورهم اطلعونا بآليات العمل الحاصلة تحت قبة الصدف والخشب الساحرة.

لمحة تاريخية 

 لقد تأسس هذا المشغل المسمى حالياً بإسم «مشغل تامر للصدف وخشب الزيتون» في العام ١٩٧٠، بحيث كانت آليات العمل فيه ولا تزال تتبع الأسلوب اليدوي، وقد أسس هذا الصرح الفني الفنان "الياس سمعان اليتيم" ولا يزال المشغل يعمل حتى اللحظة في إنتاج قطع من المجسمات والنماذج الفنية المصنوعة من الخشب والصدف، علماً بأن "اليأس اليتيم" قد شارك في سبعة معارض فنية متتالية في كل عام في العراق الشقيق إبان فترة حكم من الرئيس صدام حسين.

 ويكمل الفنان الياس حديثه الشيق عن مهنة تمثل الفن والتراث ويقول ان مراحل العمل تتمثل في  إحضار وإعداد خشب الزيتون بكميات محددة ومدروسة.

 ومن ثم قص الخشب حسب قياس «الموديل» أي المجسم المراد عمله بالأخذ بعين الاعتبار أبعاد الطول، العرض، الارتفاع. وبعد ذلك تبدأ مرحلة تفصيل الخشب نقوم برسم اولى لمعرفة الشكل الفني المراد عمله والحجم المناسب له،  ومن ثم إعداد المجسم النهائي، ام المرحلة الأخيرة فتتمثل في تلبيس المجسم الخشبي بحلة من الصدف وهناك نوعان من الصدف، الصدف الأبيض والصدف الأخضر مستخدمين اللاصق الخاص بذلك المسمى البلابوند الأبيض.

وأشار اليتيم إلى أنه يتم الحصول على خامة الصدف الأبيض من استراليا والصدف الأخضر من ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

صعوبات الحرفي الفني 

أكد اليتيم في حديثه ل" أخبار البلد"  بأن هناك صعوبات محيطة بالحرفي منها: صعوبة في تسويق المنتجات الصدفية على الصعيدين المحلي والعالمي، وصعوبة التنقل بين المدن الفلسطينية للعمل على ترويج هذه الحرفة وخصوصا في وقتنا الحالي الصعب، وعدم اكتراث الأجيال الجديدة بالحرف اليدوية وبالتالي هناك تخوف من اختفائها، اضافة الى قلة عدد الحرفيين اليدويين في محافظة بيت لحم.

 ناهيك عن التكلفة العالية للصدف وبالتالي هناك صعوبة في التسويق والبيع، علما بأن رطل الصدف يكلف ٨٧ دولارا اميركيا، باعتباره مادة خاصة وعند تصفيته تصنيفه تصبح الكمية «أوقية ونصف» وذلك لا يشمل مراحل الشغل بها، مقارنة مع الماضي حيث كانت تكلفة الصدف الخام في السابق قليلة جدا ومقبولة.

 ومن الجدير بالذكر ان الصدف يمكن أن تحتوي على حبوب اللؤلؤ ولكن تلك الأصداف تموت أثناء الحصول عليها من البحر.

الاشكال الفنية 

وفيما يتعلق بالأشكال الفنية المنتجة قال "اليتيم ":

 نحن نقوم بعمل وانتاج مجسمات فنية من روح الديانة المسيحية والاسلامية، والتي تكون في أغلب الأحيان على شكل،  علب وصناديق مصدفة ومجسمات للكنائس والمساجد ومغارة السيد المسيح وغيرها من العناصر الفنية التي فاقت الابداع وخصوصا في إنتاج القطع المصدفة والمجدلة أي المنحوتة المحفورة بشكل فني دقيق للغاية.

 بخصوص الأخشاب المستخدمة في عمله الفني قال اليتيم بأن نوعية الأخشاب السورية تتصف بالمرونة اكثر من الاخشاب الفلسطينية، لذا فإن استخدامات الصدف في سوريا متنوعة أكثر في الأثاث و المنحوتات والمجسمات والتماثيل والقواطع الخشبية المفعمة بالصدق.

 وهنا وجد نفسه يتحدث عن الماضي بشوق كبير عندما قال:

 كان السوريون في الماضي يبيعون سياراتهم في مدينة بيت لحم والحصول في المقابل على الأصداف الخاصة لاستعمالها في انتاجاتهم الفنية مما يدل على الثقافة العالية للأشقاء الفنانين والتجار في سوريا حيث يشكل ذلك إرثا ثقافيا حضاريا غنيا حتى يومنا الحاضر.

 وأشار اليتيم في نبرة حزن واضحة  إلى ان أرباب حرفة الصدف ( المعلمين)  لا يتجاوز عددهم العشرين وغالبا ما يكونون من نفس أفراد العائلة.

   وقال " الياس اليتيم"  أن هناك اهتماما كبيرا من قبل الأجانب بشراء واقتناء فنون الصدف وخشب الزيتون ولكن وفي الوقت نفسه وللاسف ينحصر الاهتمام المحلي بأعداد قليلة من المهتمين باقتناء هذه العمل الفني كهدايا وإرسالها إلى الخارج مثلا.

نداء عبر أخبار البلد 

وجه الياس اليتيم وابناءه نداء عبر  شبكة "أخبار البلد"المقدسية جاء فيه:

نناشد جميع المؤسسات التعليمية عبر "أخبار البلد" التعريف بهذه الفنون الحرفية للطلبة الاعزاء وضرورة الزيارات الميدانية لمشاغل الفن الحرفي في فلسطين.

كما اننا مستعدون كل الاستعداد لتعليم وتوجيه كل من يريد الاستزادة وتعلم هذه الحرف للحفاظ على ديمومتها واستمراريتها بين الأجيال المتعاقبة، لنحافظ جميعا على تراثنا الفلسطيني وعلى حرفنا اليدوية الخالدة في هذه الأرض.