• 4 كانون أول 2023
  • أقلام مقدسية

 

عزام توفيق أبو السعود

 

كثير من أصدقائنا المسيحيين في القدس ومدن فلسطينية أخرى قرروا أن لا يحتفلوا هذا العام بعيد الميلاد وأن لا يضعوا شجرة الميلاد في بيوتهم!! فلا معنى لفرحة الميلاد وأطفال فلسطين يقتلون، لا معنى أن نحتفل بمولد المسيح الطفل الذي جاء الى هذه الدنيا بمعجزة إلهية لينشر بيننا الحب والتسامح والسلام.. ففرحة الميلاد تفقد كل معانيها هذا العام ونحن نرى أطفال غزة يقتلون على يد من لا يعرفون إلا أنفسهم، ولا يهتمون بغيرهم حتى لو  أبادوا كل أطفال العالم، وفي شهر الميلاد .. ميلاد من جاء رسولا الى البشرية ليعلمهم الأخلاق أولا ومبادئ وقيم الانسانية ثانيا.

جمال شجرة الميلاد ومعانيها وأنوارها نفقدها هذا العام، ليس فقط من قوات إحتلال تبطش بأطفال ونساء يقصفون وهم يحاولون أن يجدوا لهم مأوى يحميهم بطش عدو يقصف بلا هوادة، وبلا هدف إلا قتل أكبر عدد من أطفالنا، لأنهم يعتقدون أن طفلنا الفلسطيني إن عاش، فسيكبر ويعود لمقاومتهم! بل أيضا من قوى غربية تدين بالمسيحية، وتحتفل بعيد ميلاد المسيح وتزين الأشجار في ساحاتها وميادينها وبيوتها، متجاهلة روح الميلاد ، ميلاد نبيهم، وتقوم هذه الدول المسيحية بطوائفها المختلفة، بتزويد اسرائيل بأسلحة تدمر الطفولة، وتدمر كل قيمة  إنسانية وكل معنى ومضمون جاء بها المسيح لينشرها بين البشر!! كيف تفكر هذه الدول الغربية في دعمها وتأييدها وتزويدها لإسرائيل بالسلاح وبالقنابل الفتاكة لتقتل أطفالا ونساءا وشيوخا؟ بعضهم احتموا بالكنائس ، فدكت اسرائيل بقذائفها الغربية تلك الكنائس وقتلت من احتموا بالله وبالكنيسة  من بطش المحتل الذي يقصف بلا هوادة، في أي مكان وأي بقعة حتى ولو كانت بقعة مقدسة !!

دخلنا شهر الميلاد .. وبدأنا في بيت لحم وأماكن أخرى نستعد لاقامة شجرة الميلاد ، لتزيينها وإنارتها، والزينة والإنارة علامة البهجة والفرحة بالميلاد، فأين هذه البهجة؟ وأين هذه الفرحة وأحلام كل فلسطيني، مسيحي أو مسلم، يخيم عليها كوابيس منظر أطفال غزة؟  كل فلسطيني يشاهد المجازر وبلا استثناء يحلم بطفل جريح أو مقتول استشهد في حضن أم جريحة أو شهيدة تحتضن طفلها لتحميه فاستشهدت هي وربما استشهد هو أيضا في منظر يذكرنا بالسيدة مريم العذراء تحتضن طفلها المسيح في مغارة بيت لحم!!

أدعو بلدية بيت لحم، وبلدية الناصرة أيضا، وشبابنا في القدس ان يقوموا بإبداع جديد لإيصال رسالة أهل فلسطين إلى كل العالم في زمن الميلاد بأن يقوموا بتزيين شجرة الميلاد هذا العام بطريقة مختلفة، زينة تدل على الغضب مما يحصل لأطفال غزة، زينة تملؤها صور مضيئة لشهداء غزة من الأطفال مع أسمائهم.. حول كل وحدة إنارة توضع على الشجرة صورة طفل غزي شهيد، صورة تظهر الحقيقة والواقع!

أجل، لا بد أن نزين شجرة الميلاد بصور أطفال قتلهم الغدر، أطفال انعدمت مظاهر الانسانية وهي تقتلهم، لنري العالم أجمع أن مدينة مهد المسيح حزينة على ضحايانا في فلسطين.. حزينة لأن روح الميلاد ومعانيه انعدمت هذا العام، وليرى العالم كله أن أرواح أطفال فلسطين الذين استشهدوا بلا سبب ، هي أرواح تضيء السماء بنورها وتدعوا الرب أن يتوقف قتلنا نحن أطفال فلسطين لنعيش بأمن وسلام ومحبة كما بقية البشر. هذه دعوة ليس فقط لبلدية بيت لحم، بل الى البطاركة وبقية رجال الدين أن يذهبوا لإنارة شجرة الميلاد بصور أطفال فلسطين، على البطاركة ورجال الدين المسيحي أن يرتدوا الكوفية الفلسطينية فوق زيهم الكهنوتي، وحتى نرى أيقوناتهم وصولجاناتهم النحاسية والذهبية تنعكس ضوءا على صور أطفال قتلهم الحقد، فباتوا ملائكة يرفرفرون فوق رؤوس العالم.

صور هؤلاء الأطفال يجب أن تظهر للعالم عبر وسائل الإعلام العالمية  التي ستغطي الاحتفال بإضاءة شجرة الميلاد في بيت لحم كما تفعل كل عام .. فلعل صور أطفالنا المضيئة تكون الشموع التي تري العالم ما تفعله أسلحتهم التي يزودون بها اسرائيل بأطفال فلسطين في أيام أعياد الميلاد وبمعانيها النبيلة التي تدمر حرب غزة والعدوان عليها  كل تلك المعاني النبيلة وتفقد العالم ما تبقى من ضميره الانساني! 

ألله أسأل أن أجد آذانا تصغي وتنفذ كأقل عمل إسنادي لأهلنا في غزة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!!