• 18 تشرين الثاني 2023
  • أقلام مقدسية

 

 بقلم :  أحمد صيام 

 

بات جليا وبعد اكثر من اربعين يوما على عملية طوفان الأقصى التي باغتت فيها المقاومة الفلسطينية قوات الاحتلال ومستوطنيه في منطقة غلاف غزة ، وما تبعها من معطيات فرضت نفسها على الأرض ، وما تبع ذلك من فوضى في ردة الفعل الاسرائيلية الاولية خلال ملاحقة المهاجمين والتي راح ضحيتها أبرياء من كلا الجانبين ، والتطور اللاحق في ردة الفعل والقصف العشوائي البربري الهمجي ، والذي لا يليق بدولة تعتبر نفسها "الديمقراطية الفريدة" في الشرق الأوسط ، والذي يتضح مع الأيام ومن خلال ممارسات حكومة اليمين المتطرف في دولة الكيان ، زيف هذا الادعاء . في دولة الكيان حاليا ، حكومة متهورة تقود سفينة ترفع على ساريتها راية العنصرية ، ادارت ظهرها لكافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية ،

واستبدلتها بقوانينها الخاصة ، بدءا بقانون القومية اليهودية الذي هندسة نتنياهو وصولا الى قانون المعقولية ، مرورا بسلسلة اجراءات تعسفية تمارسها بحق جيران ما هم الا "اولاد العم"، استباحت أراضيهم واسراهم ومسراهم ، أفلت مستوطنين متطرفين ووفرت الحماية اللازمة لهم وسلحتهم ليعيثوا خرابا وتدميرا واعتداءات طالت أبرياء عزل يجهدون يوميا لتوفير قوتهم وقوت عوائلهم ، عزل يتعطشون لسلام يعيشون فيه بأمن وأمان ، عزل يحلمون بمستقبل مشرق ، عزل اقصى طموحهم تعايش مشترك تزدهر فيه حياتهم وحياة جيرانهم ، ولكن فوجئوا بان كل ما يحلمون فيه يجري وأده بممارسات خارجة عن كل الأطر الإنسانية . حكومة رعناء اعضاءها عبارة عن مجموعة من المتعطشين للدماء والعنصرية والضم التوسعي والاستيطان تعتقد انها بممارساتها تستطيع تحقيق احلامها الهلامية على حساب شعب اخر يتمترس في ارض ابائه واجداده ، حكومة غرتها قوتها فاوغلت في عنصريتها وساديتها وحصار طال الكبار والصغار ، وتمادت في ابتلاع الارض الفلسطينية والاستيطان فيها وطرد السكان الاصليين منها ، في انكار صريح لاتفاقيات سلام فيما لو التزمت بها لتحقق مرادها في الامن والامان ، وتجاهل لحقوق شعب اقرتها كافة القوانين والمواثيق الدولية والانسانية والالهية ، ممارسات طالت الحجر والبشر والمشافي والمدارس ، ممارسات اودت حتى الان بعشرات الالاف من الشهداء والجرحى ،

حكومة فشلت في توفير الحماية لسكانها بعملية خارجة عن سياق الوعي الاسرائيلي بمباغتة شوهت صورة جيش قيل عنه قبل السابع من اكتوبر الماضي انه واحد من اقوى جيوش العالم ، حكومة تعتقد انه بامكانها قهر شعب ، معاناته تمتد لاكثر من 75 عاما ، وتصر على المضي في ممارساتها تبحث عن نصر وهمي يرمم ما تشوه من صورة جيشها ، والذي اتضح انه اوهن من خيط العنكبوت ، وبعثرته ثلة من مقاتلين ، هم في واقع الامر، باحثين عن كرامة وحرية يصر الاحتلال على التنكرلها وتمعن في امتهانها ، حكومة تتعامل بشتى اشكال الغطرسة والعجرفة والاستعلاء والفوقية في العلاقة ، لدرجة انها اقنعت فيه نفسها ان لا احد قادرعلى الوقوف امامها ، حتى اهتزت وبانت عوراتها في يوم اسموه لاحقا " السبت الاسود" ، فجن جنونها واستعرت في ممارساتها وسبحت في بحر من الدم الفلسطيني ، من دون شك ستغرق فيه وتغرق ابناءها فيه ، حكومة محكومة بدوافع نفسية ونوازع ثأر دون الاكتراث للعواقب ، ودون تحقيق نتيجة ملموسة حتى اللحظة ، حكومة على رأسها شخص يدرك جيدا انه بمجرد ان تضع الحرب اوزارها سيقاد الى الحساب والعقاب ومن ثم يلقى خلف القضبان ، حكومة يقودها مريض نفسي حسب ما وصفه طبيبه النفسي موشيه ياتوم والذي اقر بفشله في علاج مريضه "نتنياهو:" مؤكدا في اقوال نسبت اليه قبل انتحاره :

" لقد امتص نتنياهو الحياة مني ، ولا أستطيع تحمّل هذا أكثر، السرقة (لدى نتنياهو) هي إنقاذ ، والتمييز العنصري هو حرية ، ونشطاء السلام هم إرهابيون ، والقتل هو دفاع عن النفس ، والقرصنة أمر قانوني ، والفلسطينيون هم أردنيون ، وضم الأرض تحرير لها ، ولا نهاية لهذه التناقضات (في عقل نتنياهو) " ، طبيب حاول لمدة تسع سنوات اختراق عقل نتنياهو الغامض ، لكنه هزم بما أسماه "شلال الأكاذيب" . هذا المريض النفسي الذي يقود دولتكم يا ابناء العمومة يحكمه منطق الأنانية ، سياسته التوسعية و الاستعلائية التي يحاول فرضها على الشعب الفلسطيني أدت إلى الانفجار، انفجار حمل في جنباته ظروف شابهت ما حل بالفلسطينيين منذ 75 عاما ، ولكن على افضل مما أحاطت بالشعب الفلسطيني ، والفارق أن أبناء الشعب الفلسطيني متمسكون بالعودة ، فيما انتم ترفضون العودة حتى اللحظة ، انفجار افقدكم الامن والامان ، أوقع قتلى في صفوفكم اكثر من اي وقت مضى ، نزح الآلاف منكم الى أماكن مختلفة استقروا فيها كلاجئين ولو بشكل مؤقت ، الالاف منكم غادر خارج البلاد بحثا عن الأمن . وحتى وإن تمكن هذا المريض النفسي واركان حكومته التي يحيط بها الهوس من كل جانب ، من النجاح في العدوان على قطاع غزة فلن يستطيعوا توفير الأمن بمفهومه العريض ، وسيبقى الصراع يحتدم بين الفينة والفينة حتى يصل الفلسطينيين الى مبتغاهم الذي يقاتلون لأجله ، وهو الحرية والانعتاق من العبودية . حكومتكم يا "اولاد العم" لم تميز بين المسموح والممنوع ، واوغلت في عدوانها مستمدة دعما عالميا سرعان ما بدأ يتضائل وسينقلب السحر على الساحر، حيث حجم المجازر التي ترتكب يوميا حرك مياه المجتمع الدولي الراكدة ونزل الملايين من ذوي الضمائر الحية ترفض ما تقترفه هذه الحكومة المستعرة وتطالب بمحاسبتها ومعاقبتها وهو ما سيؤدي الى التخلي عنكم وحيدين تصارعون لاجل وجودكم وبقائكم . يا "اولاد العم" :

لتلافي جيل قادم من ابناء عمومتكم ، ممارساتكم وجرائمكم زرعت فيه نوازع الألم والمعاناة والكراهية ، جيل توهجت في داخله نار الانتقام ، جيل ينتظر اشتداد عضده ليواصل ما بدأ فيه الآباء والأجداد وبما هو أكثر قسوة عليكم من السابع من أكتوبر، ومن هنا يتوجب عليكم يا اولاد العم كسر الجليد المتراكم منذ 75 عاما والذي اشتد قساوة مع سادية يمين متطرف انتم اوصلتموه الى سدة الحكم ، و اكتويتم بناره بعد أن سلمتموه أمركم ، عليكم المبادرة والضغط بإيجاد منقذ لمستقبلكم ومستقبل جيرانكم وربما مستقبل عالم باسره ينظر اليكم ، واغتنام الفرصة المواتية والجنوح للسلم الذي يوفر الأمن والأمان والازدهار للجميع والشروع بما يضمن تحقيق السلام الحقيقي والتعايش المشترك القائم على العدالة والحرية واحترام الآخر .

لا تنسوا السابع من أكتوبر واستثمروه سبيلا لاستئناف جديد للحضارة ، وانبعاث جديد لحياة افضل لكم ولجيرانكم ، وميلاد جديد لجيل يتربى على التعايش المشترك ، من خلال قيم جديدة يكتشف فيها المرء ذاته ومفاهيم جديدة يتلمس فيها حريته بعيدا عن سياسة الاستعلاء وقيم العبودية التي دأبت حكوماتكم على فرضها ، فلماذا التعالي والفوقية في العلاقة ، فما نحن الا اولاد عم من نسل اسماعيل واخيه الاصغر اسحق ابناء سيدنا إبراهيم عليهم جميعا السلام ، فلا تجعلوا من " سارة نتنياهو ، سارة إبراهيم " .

يا ابناء العم ، الفرصة ما زالت مواتية ، وربما الظروف أفضل من سابقاتها ، معاناة في كلا الجانبين ، إن أحسنا استثمارها سيتحقق السلام الحقيقي المنشود ، الذي سيجلب الامن والامان للجميع ، انفضوا غبار اليمين المتطرف عنكم ، واجتمعوا حول عقلاء منكم ، امثال رابين الذي قتلتموه واولمرت الذي سجنتموه ، فانتم ذاهبون إلى الهاوية إن أبقيتم امركم بيد هؤلاء المهوسين المتطرفين ، وابحثوا عن المنقذ لكم الذي سيأخذ على عاتقه الجنوح الى السلم واغتنام الفرصة وانقاذكم من الانهيار والزوال . سئل أمير القدس الشهيد فيصل الحسيني : هل ستسامح قاتل ابيك ؟ فقال ان تحققت العدالة ونلت وشعبي الحرية والاستقلال ساسامحه بطبيعة الحال . نحن يا " اولاد العم " ، يا احفاد اسحاق ، فاولاد عمكم احفاد اسماعيل ما هم الا شعب يبحث عن الكرامة والحرية ، ولا تقولوا لقد فعل بنا اولاد عمنا الأهوال ، إنما سألوا لماذا فعلوا ويفعلون ذلك !!