• 7 كانون أول 2023
  • أقلام مقدسية

 

بقلم : عزام توفيق ابو السعود

 

عندما تصعب المعادلة، نتسائل دوما : أين آينشتين ليقوم بحلها؟ 

والمعادلة التي أمامنا معطياتها معقدة وكثيرة، وتحتاج الى حلحلة جزئياتها واحدة تلو أخرى ، ودراسة الإحتمالات الكثيرة، قبل الوصول الى معادلة يمكن حلها:

المعطيات الرئيسية لمعادلاتنا الصعبة هي ما يلي:

1- أمريكا تسعى الى يكون العالم ديمقراطيا: وإن طبقها الشعب الفلسطيني فسينتخبون حماس، أو نهج المقاومة بالتعميم: وهذا لا تقبل به أمريكا واسرائيل بألرغم من تباهيهم بالنظام الديمقراطي.

2- اسرائيل وأمريكا ترى أن نظام عباس في رام الله فاشل وفاسد ويريدون تغيير وجوهه التقليدية : ولكنهم يريدون نظاما مشابها وبقيادات جديدة يحكم الضفة وغزة، ويكون مطواعا لإسرائيل بحيث يسمح هذا النظام باستمرار دخول القوات الاسرائيلية وقتما تشاء إلى مناطق سلطة فلسطينية جديدة لتقتل أو تعتقل من  تشاء وبدون مقاومة أو محاسبة : وهذا طبعا لن يقبله الشعب الفلسطيني وسيقاومونه وسيستمرون في مقاومة الاحتلال أيضا، وبذلك لن ترضى اسرائيل وأمريكا عن النتيجة فيما بعد، وسيستمر الصراع!

3- أمريكا وإسرائيل تعتقد أن الحرب على غزة يجب أن تقضي على حماس وسلطة حماس: وعلى الواقع وبعد أكثر من شهرين من القتال داخل غزة، ومن تحطيم غزة، لا زالت حماس هي من تحكم غزة، ولا يعتقد أن حرب غزة الحالية ستؤدي في النهاية، حتى وإن طالت، من القضاء على حماس. وعليه فبعد الحرب على اسرائيل وأمريكا أن تتعامل مع حماس كأمر واقع، وهذا ما لا تريده أمريكا واسرائيل معا!!

4- أمريكا لا تريد تهجيرا قسريا لأهل غزة الى مصر، وهذا يعني أنهم يؤيدون تهجيرا طوعيا، لكن مصر لا تريد تهجيرا لا طوعيا ولا قسريا للغزيين إلى أراضيها: أما الغزيون فهم أصلا يريدون البقاء في غزة ولا يريدون هجرة أخرى رقم قساوة العيش وهجر منازلهم أو تسويتها بالأرض!!!

5- أمريكا لا تستطيع أن  تعطي إسرائيل وقتا مفتوحا كبيرا لتحقيق هدفها في القضاء على حماس وتحرير أسراهم، وأمريكا والحزب الديمقراطي يرى بوضوح هزيمته في الإنتخابات الرئاسية القادمة، ويحتاجون وقتا أكبر لإعادة تلميع صورتهم في أمريكا علهم ينجحون، كما أن أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا  لن تستطيع الإستمرار في تجاهل المظاهرات في بلادهم تأييدا لغزة وأطفال غزة، والمطالبة بإنهاء الحرب!

6- أمريكا وإسرائيل تعتقد أن أعمال التدمير والقتل في غزة ستؤدي الى خنوع الشعب الفلسطيني ، وأن الفلسطينيين سيقبلون بأي حل يفرض عليهم مع " بحبحة " إقتصادية ستلهيم . لكن واقع الأمر أن الجيل القادم، جيل من شاهد الحرب وعاشها سيكون أصلب من الجيل السابق وأكثر إصرارا على المقاومة، وأن جينات جديدة بدأت تدخل في جسم الفلسطينيين ستجعلهم أكثر إصرارا على العيش بكرامة وبدون تدخلات أجنبية وأن الجيل القادم يريد أن يحكم نفسه بنفسه، ويقاوم كل من يهدد حياته أو يسرق أمواله!

7- العالم الغربي يريد تغيير الخارطة السياسية والإجتماعية والإقتصادية فيما تبقى من العالم العربي، وهذا لن يتم إلا بالقضاء على حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، ونظام الأسد في سوريا، والحوثيون في اليمن وهذه المهمة لا يستطيع الغرب أن يقوم بها بصورة مباشرة، وإنما هم بحاجة لإسرائيل لتقوم بالمهمة نيابة عنهم، فإذا قامت اسرائيل بذلك إنتفى دور الكيان الصهيوني الذي خلقه الغرب وسط البلاد العربية كي لا ترفع الشعوب العربية رأسها وتسير في ركب خدمة الغرب. وهذا ما تدركه اسرائيل، وأن الدعم الغربي لهم لا بد  أن يزول يوما ما بعد أن تحقق لهم ما أرادوه منها ، وستجد اسرائيل نفسها وحيدة في بيئة غير مرغوب بها كما كان حال اليهود في أوروبا في القرون الماضية وسيكون ذلك سببا في تفككها كدولة إإ

8- معظم الاسرائيليون لا يريدون استمرار الحرب، فهم يرون قتلاهم وجرحاهم في إزدياد، إضافة الى أن الحرب لم تعد لهم بقية مخطوفيهم من غزة، وأن عودة أقاربهم لن يتم إلا بالتفاوض مع حماس، فإن تفاوضت مع حماس فستقل هيبة اسرائيل مرة أخرى بعد أن فقدت هيبتها في 7 اكتوبر تشرين أول .. وقادة اسرائيل لم ينتصروا على حماس وكرامتهم ممرغة بالأرض. فكيف لإسرائيل أن ترضي شعبها وتسترد كرامتها وهي لم تحقق أي نصر يذكر في هذا الحرب، سوى قتل أطفال غزة؟؟؟ !

9- السابع من اكتوبر لم يكن مفاجأة لإسرائيل فقط، بل كان مفاجئا للسنوار والضيف أيضا، فهما لم يعتقدا بأن اختراق غلاف غزة والوصول الى ما وصلوا اليه سيكون سهلا جدا عليهم، فقد تفاجئا بتلك السهولة، ولو قدروا ذلك مسبقا لأرسلوا عشرة آلاف مقاتل من مقاتليهم بدل الثلاثة آلاف الذين دخلوا ولكانت غنائمهم أكبر وأكثر !!!

هناك معطيات فرعية أخرى يعرفها الجميع، ورغم أنني لا أؤمن بتحضير الأرواح ، وعليه أختم مقالي هذا بدعوة روحانيي العالم، والمؤمنون بتحضير الأرواح، أن يستحضروا روح أينشتاين، وأن يعطوه معطيات هذه المعادلة الصعبة، ويطلبوا منه حل معادلة غزة الصعبة، ويعطوه مدة محدودة لحل المعادلة فالعالم لا يريد مزيدا من الأطفال يقتلون، ولا بد أن لدى روح أينشتين الحل!!! ولا حول ولا قوة إلا بالله!!!